צפו בפרק החדש של "משמש"- סדרת רשת דו לשונית

يغطي برنامج “مشمش” الإنترنتي الثقافة الفلسطينيّة والإسرائيليّة إعلاميًا، باللغتين العبريّة والعربيّة. القيّمون على البرنامج، خرّيجو وخرّيجات ستة مدارس ثنائيّة اللغة تُشغّلها جمعيّة “يدًا بيد”. يشمل طاقم العمل، طلابا عربا ويهودا من جميع أنحاء البلاد تترواح أعمارهم بين 27- 18. أصدر طاقم البرنامج قبل نحو شهرين حلقته الأولى، التي تناولت موضوع الثقافة في تل أبيب، يافا والمثلث، أما الآن فيطلقون حلقة أخرى عن الثقافة في القدس.

قد يبدو اختيار برنامج “مشمش” تغطية الثقافة الإسرائيليّة والفلسطينيّة معًا بديهيًا للوهلة الأولى. لكن عندما نتمعن بالأمر مرّة أخرى وبعمق، نكتشف أن المنابر الإعلامية العبرية والعربية داخل إسرائيل، لا تتعامل مع هاتين الثقافيتين على أنّهما متكافئتين ومتساويتين. ننوه هنا أن مصطلح “متساويتين” في هذا السياق مضلّل بعض الشيء، ففي حين تستحق الثقافتين التعامل معهما بشكل متساوٍ فعلًا من خلال البرامج الثقافيّة المطروحة إعلاميا، إلّا أنّهما بعيدتان كلّ البعد عن ذلك.

حيث تتأثر الكثير من المضامين في الثقافة الفلسطينيّة، بقضية التمويل، حريّة التأليف والإبداع التي يملكها الفنّانون الفلسطينيّون. بالإضافة إلى تأثرها وبشكل مباشر من مكانة المواطنين الفلسطينيّين، مكانة الشعب الفلسطيني في إسرائيل والعالم عمومًا ومكانته في الضفّة الغربيّة، القدس وغزّة خصوصا. لا يتجاهل برنامج “مشمش” هذا الجانب، بل يطالب بإبراز جمالية وازدهار الثقافة الفلسطينيّة في السنوات الأخيرة، برغم الصعاب والعقبات التي تواجهها.

فيما يتعلّق بالثقافة الإسرائيليّة، والتي تحظى بتغطية إعلاميّة واسعة النطاق في البلاد، يحاول برنامج “مشمش” الوصول إلى الجوانب غير المطروقة وإلى الجيوب الثقافيّة النشطة فيها. أي إلى تلك التي تحاول التواصل مع المشهد الشرق أوسطي، مع الثقافتين العربيّة والفلسطينيّة المحيطتان بها. إن أفضل مثال على هذا “الجيب” الثقافي هو الفنانة نيطَع إلكيام البالغة من العمر 40 عامًا، من سكّان القدس ومواليد نتيفوت. كبرت وترعرت إلكيام على الثقافة المغربيّة التي اكتسبتها من والديها مواليد المغرب. تفضّل نيطَع الغناء اليوم باللغة العربيّة وباللهجة المغربيّة تحديدًا (لأن هناك فرقًا شاسعًا بينها وبين اللهجة الفلسطينيّة).

اشتهرت نيطَع إلكيام عالميًا وقدّمت عروضها في مهرجانات الموسيقى المغربيّة، الشمال أفريقيّة واليهوديّة، لكن والمقابل وفي إسرائيل تحديدًا ما زالت غير معروفة على نطاق واسع. كان من المفروض أن تزداد شهرتها بشكل كبير تحديدا في هذه الفترة، وذلك لأنّ فيلم “مامي” الذي أخرجته كيرن يدعياه وتلعب فيه نيطَع دور البطولة، كان سيعرض في دور السينما. لكن انتشار فيروس كورونا حال دون ذلك، ممّا أدّى إلى إدراج فيلم “مامي” ضمن العروض الإسرائيليّة الأولى التي سيتم بثها عبر VOD. تحتل صورة إلكيام اليوم محطّات الباصات والعديد من اللافتات الدعائيّة في إسرائيل.

قام مقدّما برنامج “مشمش”، أسيد جمّال ونوعا بوزن، بإجراء مقابلة مع نيطَع قبل عرضها في نادي “هتسوليلت هتسهوفاه” في القدس، وتحدّثا معها عن هويّتها المركّبة بعض الشيء، عن حبّها للغة العربيّة وعن قرارها الواعي استكمال مسيرة كبار الموسيقيّن اليهود المغربيّين القدامى. أثارت المقابلة مع إلكيام جدالًا شيّقًا بين أسيد ونوعا حول إحدى صيحات الموسيقى الإسرائيليّة التي برزت في السنوات الأخيرة، أي ظاهرة غناء الموسيقيّن اليهود باللغة العربيّة. كان من بين الموسيقيّين الذين قاموا بذلك، دودو تاسا، تساحي هليفي، A-WA، عيدان عمدي، ماغي هيكري، رفيد كحلاني وبنت الفانك، ناهيك عن اللون الموسيقي المبتذل الجدير تسميته “بالعروبة الساخرة”، والذي يؤدّيه مغنّون مثل شفيتا والرابر تونا من خلال أغنيته “فيلم عربي”.

تتضارب الآراء بشأن هذه الصيحة بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين على حد سواء، لكن معظمهم يتّفقون على أنّ الأصالة ميزة على اليهودي الراغب بالغناء باللغة العربيّة التحلي بها دون استيلاء ثقافي. نيطَع مطمئنّة جدًا: فهي الوحيدة من بين من جاء ذكرهم أعلاه، التي استطاعت الحديث بالعربية طوال المقابلة كلها.